عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2015 , 12:38 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,330
أخر زيارة : يوم أمس 05:35 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon29 لنفكر بطريقة مختلفة



عمار علي حسن

هناك من رأى أنه يجب ألا نتوقف عند «التفكير المنطقى الخلاق» فحسب بل نذهب إلى التفكير الجانبى الذى هو أسلوب لحل المشكلات بطريقة غير تقليدية أو غير مألوفة عبر شحذ الطاقة الذهنية إلى حدها الأقصى . و هو ليس شكلاً سحرياً جديداً بل طريقة أكثر إبداعية فى استخدام العقل . و قد ارتبط هذا المفهوم بإدوارد دى بونو الذى طور هذا النوع من التفكير وفق تصوره عن الآلية التى يعمل بها الدماغ موظفاً معطيات علم الأعصاب . و يبدأ «دى بونو» كتابه الشهير عن هذا النوع من التفكير بسؤال مفاده : «لماذا يأتى القليل من البشر بأفكار جديدة فى حين لا يفعل آخرون ذلك مع أنهم يتمتعون بدرجة الذكاء ذاتها ؟.. اُعتبر التفكير المنطقى الشكل الأمثل لإعمال العقل منذ عصر أرسطو إلى أن تبين أن الأفكار الجديدة و ما فيها من مناورة لم تتمخض بالضرورة عن عملية تفكير منطقى . هناك نوع آخر من التفكير لا يعرفه إلا قلة من الناس لأننا لا نميزه إلا عندما يقود إلى أفكارٍ بسيطة تتجلى فقط عند التأمل فيها». و لا يعنى هذا أن «دى بونو» قد طرح هذا النوع من التفكير بديلاً للتفكير العمودى الذى يتبع التسلسل المنطقى بل يراهما متكاملين ، إذ يقول : «نلجأ إلى التفكير الجانبى عندما يعجز العمودى عن إيجاد حل لمسألة تحتاج إلى فكرة جديدة . فالأفكار الجديدة بحاجة إلى تفكير جانبى لأن العمودى محاصر بحدود بنيوية تمنعه من أداء هذه المهمة و لا يستطيع أن يتجاهل هذه الحدود لأنها تمثل ماهيته». و لعل المثل البسيط الذى يمكن أن يُضرب لتبيان التفكير الجانبى أن بوسعنا أن نصف بناية شاهقة من خلال المخطط المعمارى بدءاً من أساساتها تدريجياً حتى نصل إلى قمتها و بشكل محسوب بدقة ، لكن ليست هذه هى الطريقة الوحيدة التى تمكننا من الوصف ، بل بمكنتنا أن نتجول حولها و ننظر إليها من جميع الزوايا و بعد تركيب الصور التى جمعناها يظهر البناء أمام أعيننا أكثر واقعية من دراسة المخططات . و التفكير الجانبى ليس تفكيراً جنونياً و لا عشوائياً و يستند إلى موقف و عادة عقلية و فى الوقت نفسه إلى الهروب من الفكرة السائدة و التحلى بالمرونة المطلوبة فى إعمال الذهن و التبصر فى التعامل مع الأشياء و الأفكار ، ربما تأتى الإشراقة بغتة بعد الانشغال بالمسائل و المشكلات التى يراد حلها . و لكى نفعل شيئاً ما للوصول إلى أفكار جديدة يمكننا أن ننتهج طريقتين الأولى هى محاولة تحسين السبل المتبعة و الثانية هى معرفة و إزالة كل ما من شأنه إعاقتها . و يعتمد التفكير الجانبى على التفكير بالمخالفة ، فمثلاً بدلاً من أن نفكر كيف يبتكر المخترعون نفكر فى لماذا لا يخترع غيرهم ؟ و نبحث فى الغباء كى نفهم الذكاء ، و لذا فهو يقوم على أربعة مبادئ هى : «تمييز الأفكار السائدة و المستقطبة ، و البحث عن رؤية جديدةٍ للأشياء ، و التخلّص من السيطرة المتزمتة للتفكير العمودى ، و الاستفادة من الصدفة». و يساعد التفكير الجانبى على تغذية «الخيال السياسى» من زوايا عدة ، فهو يكسر القيود التى يفرضها التفكير العمودى كمنهج لتوليد أفكار جديدة ، و يفيدنا فى توليد هذه الأفكار و تجديدها خاصة أنه يفتح أبوابه أمام الجميع و يعتمد على الذكاء المحض .