الموضوع: مقاومة التغريب
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-06-2018 , 06:15 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,320
أخر زيارة : اليوم 01:13 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة متواجد حالياً

Icon375 مقاومة التغريب



عبدالله بن بخيت

في رمضان في منتصف النهار توقفت عند إشارة المرور الحمراء ، كان الشارع هادئاً و عدد السيارات قليلاً ، فوجئت لا أحد احترم إشارة المرور و لم تؤثر فيهم حرمة الشهر . اتضح لي بعد تأمل أن الناس لم تربط بين الصيام و بين الحياة الحديثة ، لم تتوسع أخلاق الصيام لتشمل كل شيء ، في رأسه قائمة يمتنع عن اقترافها أثناء الصيام . نفس القائمة التي صنفها الفقهاء منذ ألف عام ، تلاحظ هذا من أسئلة الناس الموجهة للفقهاء ، هل شرب الدخان يفطر هل استنشاق العطر يفطر هل أخذ إبرة الدواء مع الوريد يفطر ؟ تتكرر هذه الأسئلة سنوياً دون انقطاع , لم أسمع في كل ما سمعته من أسئلة أو أجوبة شيئاً يتصل بالأخلاق و الحياة اليومية . مرة حضرت مضاربة في نهار رمضان عند بائع سنبوسة ، مضاربة على أتفه الأشياء ، الصيام شيء و الحياة شيء آخر تماماً . بلغة أخرى لا علاقة للبعض بين الدين و بين الحياة الحديثة ، عندما يمارسون الشعائر الدينية ينتقلون من زمن إلى زمن ، ما يفطر أو يؤثر على صيامك أقر في العصور القديمة و لم يجد عليه شيء جديد ، مخالفة قطع الإشارة لا تدخل في المنظومة الأخلاقية للدين ، يقطع الإشارة في رمضان و في غير رمضان لأنه لا يجد في المسألة ما يتصل بالدين . أصبح إنساننا يتحرك كجهاز الكمبيوتر ، يتبع الأوامر المبرمجة في عقله ، لا يستنتج لا يأخذ النهي كمسألة أخلاقية و إنما بشكل حرفي ، السواك على سبيل المثال هو دعك الأسنان بقطعة من شجر الأراك ، لا ينظر إلى كلمة سواك من أبعادها المختلفة ، الصحي و الاجتماعي ، لا يسعى إلى تطويرها إلى نظام حياة ، هكذا قيل له فنفذ ، يعطي نفسه كجهاز تتم تعبئته بالأوامر و النواهي الجامدة ، يصبح النظام الأخلاقي اليومي لا قيمة له ، لن يحاسب عليه ، قطع الإشارة التحرش نسخ البرامج (القرصنة) إلخ لا مكان لها في ضميره ، لا يردعه عنها رادع داخلي ، لا يستعيب أو ينكر على من يقترفها ، يعيش عالمين مختلفين ، يستمد نظامه الأخلاقي من عالم و يعيش في عالم مختلف لا أخلاق فيه ، في هذا العالم الذي يعيش فيه يلتزم فيه بالقوة ، خوف من عقاب جسدي ، ستلاحظ هذا عندما يسافر خارج المملكة ، يقود سيارته بكل احترام لقوانين المرور و يتخلى عن هذا الاحترام عندما يعود إلى بلده ، في الخارج سيعاقب و هنا يظن أنه لن يعاقب ، بعضهم لا يكتفي بمخالفة النظام و إنما يعمد إلى المخالفة بتقصد ، يتحين الفرص لمخالفة النظام كشكل من أشكال الرفض في مواجهة العصر ، مواجهة التغريب .