الموضوع: لورنس العرب
عرض مشاركة واحدة
قديم 30-03-2018 , 11:48 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,358
أخر زيارة : اليوم 01:50 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة متواجد حالياً

Icon37 لورنس العرب



حسين علي حسين

لايضاهي «فيلبي» في الغموض و في حب أرض العرب إلا من اعتدنا أن نسميه «لورنس العرب!»، و قد بدأ الأول حياته في العراق ، ثم استقر في المملكة و أسلم و تزوج إحدى بناتها ، و ألف عديداً من الكتب عن الجزيرة العربية قبل أن ينهي حياته في بيروت ، و كان محباً لهذه البلاد و لمؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود . و قد سبق لورنس (توماس إدوارد لورنس 1888-1935 ) فيلبي في الوصول إلى الأراضي العربية ، فقد وصل إلى سوريا في العشرينات من عمره و قبل حصوله على الشهادة الجامعية , بهدف البحث عن الآثار الصليبية و تسجيلها و هو ما دفعه إلى العيش في البادية ، و تعلم اللغة العربية في مضارب البادية ، و قد حصل على عدة منح للرصد و التنقيب عن الآثار ، و قد قاده التغلغل في البيئة العربية إلى أن يكون عميلاً للمخابرات البريطانية التي كانت تهيمن على عديد من الدول العربية ، منها مصر و بعض دول الخليج و شرق إفريقيا عبر شركة الهند الشرقية ! و قد صادف وجوده في مصر بداية التوتر المتزامن مع شيخوخة الدولة العثمانية ، و طموحات الحسين بن علي للقيام بما أطلق عليه «الثورة العربية « بهدف الخروج على الدولة العثمانية و تأسيس كيان جديد يكون سلطاناً أو ملكاً عليه ، يضم منطقة الحجاز و الشام و العراق و فلسطين بدعم و مساندة بريطانيا و فرنسا ، و ذلك مع بوادر انطلاق الحرب العالمية الأولى و دخول تركيا الحرب بجانب ألمانيا ، و قد قدمت بريطانيا عتاداً و أموالاً للشريف حتى تفتت الدولة العثمانية ، و خروج الحسين بن علي إلى منفاه في قبرص بعد فشل مشروعه ، و تقديم ترضية له من الحلفاء تمثلت في تنصيب ابنه عبدالله ملكاً على الأردن و ابنه فيصل ملكاً على العراق . و قد ساهم «لورنس» بنفسه و بمساعدة الإنجليز و قوات الشريف في تدمير الخط الحديدي الحجازي , بهدف عزل القوات التركية و منعها من طلب الإمدادات من المدن الواقعة تحت حكم الدولة العثمانية ! و كان «لورنس» قد أصبح قريباً من «الحسين بن علي» و أبنائه خلال سعي الأخير لإخراج العثمانيين من الحجاز ، و بالذات خلال فترة حصاره الطويل للمدينة المنورة ، ما أجبر حاكم المدينة العثماني آنذاك «فخري باشا» على ترحيل سكانها لتوفير الغذاء و الكساء للجنود ، حتى توقف الخط الحديدي نتيجة ما لحق به من تدمير على يد قوات الشريف و الإنجليز ! و لم يعد لورنس إلى بلاده إلا عند ما وضعت الحرب أوزارها بزوال الدولة العثمانية و تقسيم المنطقة ! حيث انصرف «لورنس» حال وصوله إلى بلاده لكتابة المقالات و تأليف الكتب ، و كان أبرزها «أعمدة الحكمة السبعة»، و أثناء تأليف هذا الكتاب كان قد تعرف على الفيلسوف البريطاني «برناردو شو»، فعرض عليه مسودة الكتاب لكن شو أهمل المسودة ، و بعد إلحاح «لورنس» قامت زوجة شو بقراءة المسودة و نقلت لزوجها إعجابها الشديد بالنص ، فقام بقراءته فورًا و رشحه للنشر ، و مازال هذا الكتاب يحقق مبيعات جيدة بل إنه حول إلى فيلم باسم «لورنس العرب»، قام بدور رئيسي فيه الممثل المصري «عمر الشريف» و كان بوابته للدخول إلى السينما العالمية من أوسع أبوابها ، و لم يضاهِ دوره في لورنس العرب إلا دوره في فيلم «دكتور زيفاكو» الذي أخرج عن رائعة الروائي الروسي «بوريس باسترناك»، و قد حظيت هذه المذكرات بعناية فائقة من النقاد ، و لعل من أبرز أؤلئك النقاد مؤلف كتاب اللا منتمي الناقد و الروائي «كولن ولسون»، الذي عد «أعمدة الحكمة السبعة» شهادة بالغة الصدق عن شخصية «لورنس» المركبة و البالغة الغرابة و التعقيد ، و قد ردت غرابة تكوينه الفكري و الاجتماعي إلى التربية القاسية التي تلقاها على يد والدته !