عرض مشاركة واحدة
قديم 21-01-2018 , 01:08 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,358
أخر زيارة : اليوم 01:50 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة متواجد حالياً

Icon375 القيادات الساذجة



عبدالله بن بخيت

في زمن الطفولة المتأخر كنا نتساءل باستغراب عظيم لماذا يجلس المدير في غرفة مكيفة و يستلم راتباً أكبر من راتب الموظف الذي يتعب و يشقى و يعرق . تساؤل يوافقنا عليه بعض البالغين آنذاك . في ظاهر الأمر ثمة منطق .. يجلس المدير على كرسي مريح و تحت المكيف و مكتبه معطر إذا شاء و يستلم آخر الشهر مرتباً يساوي مرتبات أربعة أو خمسة من موظفيه الذين يعملون تحت لهيب الشمس . من ضمن المفاهيم السائدة آنذاك أن المدرب الرياضي يفترض أن يكون أفضل من كل لاعب في الفريق . كنا نتساءل كيف يدربهم و هو أقل منهم ؟ كانت وظيفة المدرب في أخيلتنا أن يعلم اللاعبين مهارة اللعب . مصدر هذه السذاجة كما لا يخفى نقص الخبرة و المعرفة . عندما تنظر للشيء من زاوية واحدة تغيب عنك بقية الزوايا . يمكن أن نقول عنها إنها سذاجة تكتسب منطقيتها في حدود المعطيات المتوفرة . انبرى قبل فترة رجل و ادعى و أكد أن الأرض مسطحة . قدم مجموعة من الأدلة من أهمها و أبلغها : إذا كنا نجلس على الوجه المقابل للسماء فالبشر الذين يجلسون في الجهة الثانية من الكرة الأرضية يجب أن يتهاوون في الفراغ . عندما تقيس هذا الدليل على طاولة أو سطح عمارة فلا شك أن كلام الرجل منطقي . سيهزم نيوتن في أي مناظرة أمام جمهور يفتقر للمعرفة . الحياة تتشكل من أكثر من منطق واحد . كلما تقلصت المعرفة أو زادت كلما ظهر منطق يلائم حجم المعرفة المتاحة ليسهل التعامل مع الواقع و يعطي العقل احترامه . المشكلة في عالمنا الثالث أن المعارف متاحة للبعض و مغيبة عن البعض الآخر الأمر الذي يشكل هوة بين أعضاء المجتمع الواحد . في مجتمعات كهذه تنشأ طبقات معرفية لكل طبقة من هذه الطبقات منطقها الذي يتصادم مع منطق الطبقات الأخرى . هذا التناقض المعرفي لا يتوقف عند كروية الأرض أو النزول على القمر أو الجهل بلعبة الشطرنج و إنما يمتد إلى نواحي الحياة الأساسية كالسياسة و الدين و التعليم و الحريات . صوت كثير من الناس يطالبون بالخروج من الأمم المتحدة أو عدم الانصياع لقراراتها . هؤلاء ليسوا أغبياء و لكنهم لا يدركون طبيعة عمل الأمم المتحدة و خطورة الخروج منها . مثلهم مثل الذين يقرون أن وظيفة المحامي هي إنقاذ المجرم من العقاب . لا تقتصر هذه الطبقة الساذجة على الدول المتخلفة , ستجدهم بكثرة في المجتمعات المتقدمة المسيطرة على العالم . الفرق أن هذه الفئة الساذجة لها نفوذ و تأثير كبير على الرأي العام و مراكز التعليم في الدول المتخلفة .

تعليق : لازم تقراء المقال أكثر من مرة و بهدوء حتى تستوعب الفكرة لأنها عميقة و مهمة جدا" , متى ما استوعبتها فهمت اشياء كثير و وضحت لك الرؤية .