دينا الطراح
إن ارتياد السياسة هو ارتياد رياض الفكر في طريقة التصدي لكل الأمور الخاصة بالناس والدولة ، فالسياسة تعطي أسباب الولاء للوطن ، والعمل لأجله بتفان صادق وإخلاص وضمير ، بيد أن السياسة التي تؤدي الى تصاعد الصراع بين مواطني البلد الواحد لا يمكن أن تكون نتاج ثورة تهدف إلى التغيير كما يحدث في مصر الآن ، فحينما اختار الأتراك لدولتهم الحديثة العلمانية كان ذلك إدراكاً منهم لقيمة الحرية الإنسانية وتأثيرها النفسي في المناخ العام لبلدهم وشعبهم ، وأيضاً احتراماً منهم لأهمية إتاحة مساحة كبيرة للتعددية والاختلاف مثلما يحدث بالمجتمعات المتطورة.
وإنه لمن المستغرب أن تكون حكومة تركيا من حزب العدالة والتنمية التركي المنبثق عن تيار الإخوان المسلمين السياسي وتعمل وفق آليات سياسية استطاعت عبرها الوصول الى التوازن والقيام بواجباتها بإتقان تجاه مواطنيها الأتراك ، بينما تيار الإخوان المسلمين بدولة كمصر وما لها من ثقل ديني لأنها مهد الديانات والأنبياء والأولياء الصالحين ، لم يحرك ساكنا تجاه خلق نظام سياسي علماني جديد للمصريين ليكون فعالاً واكتفى بمحاولة تحويل مصر الى إيران أخرى بالشرق الأوسط ، دونما تفسير واضح لتصرفه السياسي هذا ومدى خطورته على طبيعة حياة الشعب المصري وعلاقات دولته بغيرها من الدول ، فما هو السبب في عدم استفادتهم من تجربتهم السياسية التركية ؟ وما سر فتورهم السياسي تجاه المصريين ؟
ففي الحقيقة ان تركيا شكلت جزءاً كبيراً من الحضارة الإنسانية والإسلامية والعربية ، وتاريخ الدولة العثمانية وإسهاماتها يدرس بالمناهج المدرسية لليوم في العديد من دول العالم ، وليتني أجد الإجابة نحو التناقض في الفكر السياسي للإخوان المسلمين من دولة لأخرى , وعدم الانسجام في توجهاتهم السياسية وفهم الاشخاص الآخرين.
* نقلا عن "القبس" الكويتية