بقلم : نوف أنور
تزداد هذه الأيام حمى الشراء والتردد على الأسواق ، وعندما تذهب المرأة منا إلى السوق لشراء فستان ، وحذاء وملابس لأطفالها تحرص على الابتعاد عن الأسواق الشعبية ، وتتجه إلى المراكز التجارية "المولات" وخاصة إلى العلامات التجارية ، وتحرص أن يحمل فستانها شعارا أو توقيعا لمصمم أو ماركة عالمية مشهورة ومعروفة.
هوس النساء والرجال بالماركات العالمية أصبح ظاهرة منتشرة ، ولكنها تزداد انتشارا بين وسط النساء والفتيات فهي حالة مرضية مزمنة يصعب علاجها عند البعض ، فلم يعد الشراء للحاجة أو الذوق الاجتماعي ، وإنما وصل إلى مرحلة المحاكاة والمباهاة ، والكثيرات يلهثن خلف الماركات العالمية المعروفة ، ووراء التنافس لمجرد التظاهر والتباهي ، والفوز بألقاب معينة بين المحيطين ، وغالبا ما تظهر هذه الفئة أمام الآخرين للحظات بسيطة أو لهدف معين ثم تتركه وتذكر أنه بقيمة مادية مرتفعة لمجرد الفخر وإشعار الآخرين بأنهن لسن أقل منهن حتى إذا كانت قيمة الشيء لا تستحق ذلك وتسعى إلى الوصول إلى هذا السيناريو حتى وإن كلفها ذلك معظم راتبها أو كله ، وربما ترهق كاهل زوجها أو وليها لتظهر بالمظهر اللائق وسط المجتمع النسائي المرضي.
ونجد اليوم أن هوس الماركات عند الأمهات يتسرب ودون علم منهن إلى الأطفال ، فتصبح إحدى العلامات التي يقيس بها الأطفال تميزهم ، وكذلك تميز من حولهم ، وقد يكتفي الطفل وخصوصا في مرحلة المراهقة بهذا المقياس ليرى نفسه أفضل ممن حوله ، ويصرف نظره عن باقي مجالات التمييز، فالماركة أصبحت هدفا لديه.
والحقيقة أو المشكلة التي نواجهها في مجتمعاتنا العربية عندما ترتدي الواحدة منا فستان شانيل وتحمل حقيبة لويس فويتون ، ونظارة ديور.....إلخ تعطى من قبل الآخرين اعتبارا وكأنها تملك سلسلة متاجر عالمية ، وتعامل معاملة "أميرات" على أساس ما ترتديه ، ويكون لها قدر، لذلك بعض من يرتدين الماركات اليوم لا يرغبن بارتدائها بحد ذاتها بقدر أن يكون له قدرا وهذه النوعية برأيي تعاني من (النقص) ومن الأمراض والتراكمات التي قد تصل بها إلى مرحلة الهوس.
والمضحك أن مجالس النساء اليوم مجالس لاتخلو من هذه الأمراض المزمنة ، والثرثرة حول المقتنيات فتجد الواحدة منهن تحرص على اقتناء الماركات حتى في أبسط الأشياء حتى وإن كانت صغيرة ، ويحاولن خلال الفترة التي يجتمعن فيها تسليط الضوء على ما ترتدينه ، ووصل عند البعض عندما تضع "الساق على الساق" لتظهر سعر حذائها وماركته أو تتعمد الحركة الزائدة ، كفتح حقيبتها لتظهر أنها تحمل محفظة وميدالية قلم ماركة ، والبعض منهن تضطر أن تصرح بأسلوب عفوي (فستاني ماركة) ، ووصل الاستعراض عبر الهواتف المحمولة فتجد الكثيرات يستعرضن مقتنياتهن ، ويحرصن على التقاط الصور لأطفالهن وهم يرتدون ماركة معينة حتى يشاهد الصورة أكبر عدد من الأقارب والأصدقاء ، ويقتنخرن أنهن يقتنين الماركات الأصلية ووصل عند البعض أن يلتقط الصور عند باب العلامة التجارية حتى يصدق من حوله أنه يرتدي الأصلي.
العقل لا يقبل أن نضخ الآلاف من الريالات من أجل الشهرة والبروز الاجتماعي ، ولا يعني عندما أشتري ما يروق لي ويعجبني من ملبس أن يكون من باب الكبر والتفاخر أمام الناس ، بل هو مطلب وحاجة أحبها لنفسي وأولادي وعائلتي ، شرط أن لا تكون بتكلف زائد عن دخلي.
وحتى نكون بالشكل اللائق دعونا نقيم شعار الوسطية في كل شيء ونعززه في أنفسنا وأنفس أولادنا وأفراد مجتمعنا ، ولنبحث عن الجودة لا يعني ذلك التكلف فوق الطاقة ، بل أن تقتني ما يتناسب مع مدخولك ومستواك المعتاد بين أقرانك من بيئتك التي نشأت وترعرعت فيها ، رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول :"من ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها".
همسة
"مد رجلك على قد لحافك"
تعليق : السؤال هو هل الجودة موجودة فقط في الماركات ؟ من خبرتي اقول و بكل ثقة لا , بدون شك أن الماركات العالمية فيها جودة و جمال في التصميم لكن ليس كلها و الموضوع في النهاية هو موضوع ذوق و ثقة في النفس . البساطة حلوة جدا" , شوف الشخصيات المشهورة في الغرب من ممثلين و لعيبة و مغنين عندما يكونو في مشاويرهم العادية راح تشوف ملابس بسيطة جدا" يغلب عليها الجينز أو الملابس المريحة بينما عندنا هنا حسب ما نسمع لما تروح البنت الجامعة كأنها رايحة عرس أو بتسلم جائزة في مجال" ما ؟ الثقافة المجتمعية لها دور و على من يعي من البنات هذة المشكلة و ينتقدها أن يكون قدوة باللبس و الدعوة للبساطة و عدم المبالغة , و أن فكر و عمل الانسان الايجابي في مجتمعة هو المقايس للاعجاب و الاحترام .