عرض مشاركة واحدة
قديم 22-08-2014 , 03:30 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,333
أخر زيارة : اليوم 03:24 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon37 أميركا بالأبيض و الأسود



هشام ملحم

الشرخ العرقي كان و لا يزال من أبرز سمات المجتمع الاميركي و يعود الى مرحلة ما قبل تأسيس الجمهورية الاميركية و هو السبب الرئيسي لأهم حدث في تاريخ الولايات المتحدة أي الحرب الاهلية التي قتل فيها أكثر من 620 الف اميركي . هذه السنة احتفل الاميركيون بالذكرى الخمسين لاقرار قانون الحقوق المدنية الذي يحرم جميع أنواع التمييز و الذي أنهى اجراءات التمييز التي كانت تحرم السود ممارسة حقهم الانتخابي في الولايات الجنوبية. الحرب الاهلية أنهت العبودية لكنها لم تحقق المساواة و خلال مسيرتهم الطويلة حقق الاميركيون ذوو الاصل الافريقي تقدما ملحوظا في مختلف المجالات (في التعليم ، و الوظائف ، و معدلات الدخل) و طبعا في 2008 انتخب باراك أوباما أول أميركي افريقي الاصل رئيسا للدولة وقد عين بدوره للمرة الاولى وزيرا للعدل ذا أصل افريقي. طوال الايام العشرة الاخيرة صعق الكثير من الاميركيين لما يجري في فيرغيسون احدى ضواحي مدينة سانت لويس في ولاية ميسوري عقب مقتل شاب أسود غير مسلح على يد شرطي أبيض . سكان البلدة بدأوا تظاهرات سلمية رافعين ايديهم وهم يرددون : "أيدينا مرفوعة لا تطلقوا النار". التظاهرات الليلية بقيت بمعظمها سلمية و إن تخللتها في بعض الحالات أعمال نهب محدودة و رمي لزجاجات حارقة على أفراد الشرطة . لكن الامر اللافت كان في الاسلحة و العتاد و الذخائر التي استخدمتها الشرطة من القنابل المسيلة للدموع و القنابل الصوتية و في بعض الحالات الرصاص الحي ، يطلقها أفراد شرطة يعتمرون الخوذ و يرتدون السترات الواقية من الرصاص و يستخدمون عربات مصفحة مزودة رشاشات ثقيلة كان يستخدمها الجيش الاميركي في أفغانستان و العراق . صور رجال الشرطة المجهزين بهذه الاسلحة الثقيلة و هم يصوبونها الى المتظاهرين العزل على خلفية الدخان و الشرارات المتطايرة من القنابل الصوتية و الدخانية دفعت كثيرين الى التساؤل هل ما يشاهدونه يحصل في مدينة أميركية أم في بلدة في أفغانستان أو العراق ؟ و أبرزت أحداث فيرغيسون ظاهرة "عسكرة" الشرطة الاميركية الجديدة نسبيا و التي تتعرض الان لانتقادات قوية سترغم الكونغرس على اعادة النظر فيها . و مرة أخرى يواجه الاميركيون بشكل مؤلم حقيقة ان الشرخ العرقي لا يزال قائما و أن الهوات بين البيض و السود في مجالات التعليم و البطالة و التوظيف و معدلات الدخل لا تزال نافرة . أكثر من 60 في المئة من سكان فيرغيسون من أصل افريقي لكن المسؤولين فيها هم من البيض بمن فيهم رئيس الشرطة . عدد أفراد الشرطة 53 منهم ثلاثة فقط من السود . الشرخ العرقي بدا نافرا بعد الاحداث إذ رأى 65 في المئة من السود وفقا لاستطلاع للرأي ان الشرطة تجاوزت صلاحياتها بينما وافقهم ثلث البيض فقط .

* نقلا عن صحيفة "النهار" اللبنانية