الموضوع: بُوكُو حَلَالْ
عرض مشاركة واحدة
قديم 18-08-2014 , 03:15 PM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,333
أخر زيارة : اليوم 03:24 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon29 بُوكُو حَلَالْ



أحمد المسلماني

باتَ العالم الإسلامى يمتدُّ من «طالبان» شرقًا إلى «بوكو حرام» غربًا .. و من «داعش» شمالاً إلى «القاعدة» جنوبًا .
(1) قالت سيدة أفريقية لوسائل الإعلام : حين يأتى إلينا مُلثّمون يُطلقون النار على الناس و يحرقون المنازل و يخطفون الفتيات .. نعرِف على الفور أنهم مسلمون ! هكذا نجحت جماعة «بوكو حرام» فى أن تُحوِّل صورة الإسلام فى أفريقيا من الدين الأكثر جاذبية إلى الدين الأكثر فزعًا ! دخلت أفريقيا الإسلام بأعداد هائلة عَبْرَ التُّجار المسلمين و الدُّعاة البُسطاء و الأئمة الوسطيين .. و اليوم تبنى «جماعة أهل السنة و الجهاد» الشهيرة بجماعة «بوكو حرام» حائطًا حديديًّا بيْن أفريقيا و الإسلام .
(2) تأسست جماعة «بوكو حرام» من عدد من الطلبة الفاشلين و لذا يُطلق عليها البعض مسمى «طالبان نيجيريا» .. حيث تألفت الجماعة من طلبة تركوا الدراسة و أقاموا فى قرية شمال شرق نيجيريا و أعلنوا أن التعليم حرام ! و على الرغم من أن كلمة «بوكو حرام» فى لغة الهوسَا النيجيرية تعنى «التعليم الغربى حرام» فإن جماعة «بوكو حرام» تؤمن بالجهل على وجه العموم و ترى أن كل التعليم حرام !
(3) يعود الباحثون بجذور جماعة «بوكو حرام» إلى منتصف السبعينيات حيث تأسست جماعة «إزالة البدعة و إقامة السُّنة» على يد الداعية السلفى «إسماعيل إدريس» و اشتهرت فى وسائل الإعلام باسم «جماعة إزَالة». أسست «إزَالة» ميليشيا قتاليّة و كان هدفها إزالة الجماعات الصوفية و القضاء عليها . و فى منتصف الثمانينيات ظهر تنظيم يحمِل اسم «جماعة الإخوان المسلمين» بقيادة الشيخ «إبراهيم يعقوب الزكزكى» و انضم لها عدد كبير من الشباب كان من بينهم شاب بارز يُدعى «محمد يوسف». كانت الصدمة فى تَرْك الشيخ «الزكزكى» للمذهب السُّنى و اعتناقه المذهب الشيعى ليصبح المرجع الشيعى فى نيجيريا ! و كانت الصدمة التالية فى اعتناق عدد من «الإخوان» المذهب الشيعى مع شيخهم «الزكزكى» و أصبحوا رجال إيران فى نيجيريا ! انشق «محمد يوسف» و هاجم «الزكزكى» و من معه و انضم إلى «جماعة إزالة». فى عام 2001 كانت أحداث 11 سبتمبر الشهيرة فى الولايات المتحدة الأمريكية ، و فى عام 2002 انشق «محمد يوسف» عن «جماعة إزالة» و حسب تقرير «الجهاد فى 2012» الذى أصدره مركز ستراتفور للدراسات الاستراتيجية فإن «محمد يوسف» قد انشق عن «إزالة» وأسس متأثرًا بتنظيم القاعدة جماعة «أهل السنة للدعوة والجهاد» «بوكو حرام» و اختار «أبوبكر شيكاو» نائبًا له . أصبح «محمد يوسف» واحدًا من رموز التطرف الدينى و اشتبكت جماعته مع الأمن و الأهالى مرات عديدة إلى أن كانت أحداث عام 2009 حيث دارت معارك عنيفة بين الجماعة و الشرطة قُتِل فيها أكثر من ألف شخص أكثرهم من الجماعة . و كان من بين القتلى «محمد يوسف» نفسُه الذى قالتْ الشرطة إنّهُ قُتِل و هو يحاول الفرار .
(4) أصبح «أبوبكر شيكاو» نائب «محمد يوسف» رئيسًا لجماعة «بوكو حرام». تقول وزارة العدل الأمريكية إن «أبوبكر شيكاو» ولد فى قرية من المزارعين و مُربِّى المواشى شمال شرق نيجيريا و إنه دَرسَ الدين فى ولاية بورنو , و قد اشتهر بأنه أقل خَطَابةً من «محمد يوسف» الذى كان يلقى الخُطب باستمرار ضد النظام أما «شيكاو» فمعظم ما يصدر منه أفعال مباشرة و صادمة. فى أغسطس 2011 حقق «شيكاو» شهرة واسعة بعد نجاح هجومه على مقر الأمم المتحدة حيث قُتِل (23) شخصًا ! ثم اتخذ وضعًا أسطوريًا بعد عمليات الخطف المستمرة و إعلان السلطات النيجيرية أكثر من مرة أنه قُتِل ثم يُفاجئ الرأى العام بظهوره من جديد !
(5) «أبوبكر شيكاو» رجل غريب الأطوار و قد أثار سخرية العالم حين هدد بقتل مارجريت تاتشر و البابا يوحنا بعد موتهما بسنوات ! و قد اختار «شيكاو» القيام بأقوى عملياته و اختطاف (276) فتاة من مدرسة ثانوية فى ولاية بورنو فى عام 2014 ! و قال «شيكاو» : سأقوم ببيعهِنَّ فى السوق وفقًا لشرع الله .. و قالت قيادات فى الحركة : لقد تم نقلُهنَّ إلى تشاد وبَيْع الواحدة منهنَّ بـ(12) دولارًا !
(6) تتشكل رؤية «بوكو حرام» الشرعية كما يتشكل فكرُها السياسى من عددٍ من المحرّمات :

1. التعليم حرام لأن الاستعمار المسيحى هو الذى جاء به و يجب العودة إلى ما قبل الاستعمار .. أى ما قبل التعليم !
2. كل من ليسوا فى الجماعة من المسلمين و المسيحيين هم أعداء الله يجب قتالهم . و يستخدمون مصطلحات «الغنائم» و الفىء «والسَّبْى» فى وصف ما يقعُ فى أيديهم من ممتلكات و نساء !
3. كل ما هو غربى حرام .. البنوك و المؤسسات و الشركات و القوانين و البرلمان و الدستور ، كلها أمور كافرة .. و كذلك فإن الجيش و الشرطة هى مؤسسات كافرة و العملُ بأىٍّ منها هو حرام شرعًا و لا يجوز نهائيًا.
4. المدارس و المساجد كلها حرام و لا تجوز الصلاة فى أى مسجد بل فقط فى مساجد منفصلة و مخصصة لأعضاء الجماعة ، و على ذلك يجوز إحراق المساجد لأنها ليست مكانًا للمؤمنين !
5. المجتمع كله كافر و ليس أمام المسلم الحقّ إلَّا أن يذهب إلى مكانٍ منعزِل عن العالم و يُقيمُ مجتمعًا مثاليًا و من لم ينضَم لهذا المجتمع الجديد فهو كافر!
6. لقد اعتزلَ بعضُ أعضاء «بوكو حرام» بالفعل و ذهبوا إلى قرى نائية عاشوا فيها و سُمُّوا بـ«المهاجرين». لكن أغلب الجماعة راحتْ تقتُل و تخطَف كلّ يوم .. و كان أخطر ما اختطفت «بوكو حرام» هو «الإسلام» نفسه الذى أصبحت صورته فى غرب أفريقيا أسيرة أعمال الجماعة التى باتتْ خارجَ الدين و خارجَ العقل .

7. لقد خلقتْ جماعة «بوكو حرام» حالة من الغَيْظ الشديد فى المجتمع النيجيرى و قالت زوجة الرئيس حين اختطفتْ الجماعة الفتيات : «إننى قد أدخل الغابة اللعينة بنفسى للبحث عنهن»!

و حين أشار الرئيس «جوناثان جودلاك» إلى احتمال التفاوض مع «بوكو حرام» بعد أن قتلت أكثر من (12000) شخص ، قال أديب نيجيريا الأشهر «ويلى سوينكا» الحاصل على جائزة نوبل فى الآداب : «إن نيجيريا فى حالة حرب مع جماعة (بوكو حرام) و يجب عدم التفاوض مع هؤلاء المجرمين . إن السؤال الآن : من الذى سَيَسْقُطْ ؟ هل هو المجتمع ؟ هل هى الأمّة ؟ أم مجموعة من السفّاحين ؟!».
8. خَلَقَتْ «بوكو حرام» حالة من الغَيْظ الأَشَدّ لدى المجتمع الإسلامى .. هاجم الأزهر الشريف جماعة «بوكو حرام»، و أعلن مفتى السعودية أن «بوكو حرام» جماعة ضالّة من «الخوارج» و اعتبرتها منظمة التعاون الإسلامى «جماعة إرهابيّة». انتقد الشيخ «إبراهيم الحسينى» مفتى نيجيريا الجماعة و قال الشيخ «محمد سعد أبوبكر» سلطان سوكوتو و رئيس المجلس الأعلى للمسلمين فى نيجيريا فى خطبة له فى المسجد الوطنى فى أبوجا : «لا مكان للإرهاب فى الإسلام .. و إن المسلمين يدعمون الحرب على الإرهاب .. و ملتزمون بدعم جهود إحلال الأمن فى البلاد».
9. لكن المفاجأة الفكريّة جاءت من الكاميرون التى يقطُنها (21) مليون نسمة رُبُعُهم من المسلمين . رأى الدعاة فى الكاميرون أن نشاط «بوكو حرام» قد استبدَّ ببلادهم هى الأخرى حيث جَرَى قتل الأبرياء و خطف النساء و كان من بين المختطَفَات زوجة نائب رئيس الوزراء «أحمدو على»! و قد حَدَثَ فى عددٍ كبيرٍ من المدارس أن هَتَفَ التلاميذ كلمّا رأَوْا تلميذة محجَّبة : بوكو حرام .. بوكو حرام ! قرر «مجلس أئمة الكاميرون» إطلاق حملة لإظهار الوجه الحضارى للإسلام .. و التأكيد على أنه دين التسامح الذى لا يقبل مجازر بوكو حرام . بدأ «الأئمة» فى توعية الشباب بعدم الانضمام إلى الجماعة و معرفة مبادئ الإسلام الصحيح .. و أطلقوا على الحملة ذلكَ الاسمَ السَّاخِر : «بوكو حلال».

*نقلاً عن "المصري اليوم"