صالح الشايجي
تدور في أذهان العرب أفكار خاطئة يتداولونها بينهم و يورثونها أجيالهم القادمة حتى أمست و كأنها من المسلمات غير القابلة للنقض أو حتى النقاش من أجل تعديلها أو تصحيح المفاهيم حولها. و من تلك الأفكار المستقرة في أذهان العرب على مدى مائة عام فهمهم الخاطئ لاتفاقية «سايكس ـ بيكو» و التي تمت بين فرنسا و بريطانيا و برعاية روسيا القيصرية عام 1916. استقر في أذهانهم على مدى تلك الأجيال السالفة وحتى الآن أن هذه الاتفاقية ظالمة و أنها سبب تفرقهم في دول عدة عوض أن يكونوا دولة واحدة ، و أنها شرعنت للاستعمار وتقاسم الوطن العربي بين الدولتين العظميين بريطانيا و فرنسا . و لكن هذا الذهن العربي البليد لو اجتهد في التفكير و تمعن في الواقع والوقائع لاكتشف أن هذه الاتفاقية جاءت رحمة للعرب و أنه لولاها لكان العرب أشبه ما يكونون بالقبائل الافريقية البدائية يعانون من التخلف و الجوع و المرض و الجهل و الحروب المستمرة . و لتقريب الصورة أكثر وللاستفادة مما يجري اليوم توضيحا لهذه الصورة أقول لولا تلك الاتفاقية لعاش العرب قبل مائة عام الحالة «الداعشية» التي يعيشونها اليوم و ربما بأهوال و فظائع أكثر من «داعش» اليوم ! استحواذ بلدان متقدمة على إدارة البلدان العربية كان في موقع النفع لهذه البلدان العربية و ليس في موقع الخسارة ، حيث أنشأت الدولتان المديرتان لتلك الدول نظام الدولة الحديثة و الإدارة و الحماية و عملتا على تطوير الخدمات و المرافق فيها و شكلتا أجهزة الامن و الجيوش و حددتا الحدود ، و عرفتاها بمفهوم الدولة بعدما كانت تلك الدول أثناء الاحتلال التركي عبارة عن ولايات متعددة في الدولة الواحدة ، فالعراق كان ثلاث ولايات و مثلها بلاد الشام ولايات متعددة فجاءت هذه الاتفاقية الرحيمة لتوحد تلك البلدان لا لتفرقها . و لنا أن نتصور كيف سيكون حال العرب بعد هزيمة الأتراك وسقوط ما يسمى بـ «الخلافة العثمانية» المسيطرة على الدول العربية ؟! كيف سيحددون حدود دولهم ويعرف كل بلد امتداد نفوذه الجغرافي ؟! أليس السيف سيكون هو الفيصل بينهم ؟! و الاحتراب و التقاتل هما اللذان سيسودان ودون نتيجة سوى نزيف الدم العربي بسيف عربي ! و كيف ستنشأ الدولة الحديثة في بلدانهم لولا هذه الاتفاقية التي حضّرتهم ومدّنتهم و ألبستهم ثوب العصر ؟! و علينا كعرب أن نقيس على هذا الفهم الخاطئ لاتفاقية «سايكس ـ بيكو» الكثير و الكثير من فهمنا الخاطئ لكثير من الأمور . و هذا الفهم الخاطئ هو السبب فيما نعيشه من رزايا وكوارث !
تعليق : هذي أول مرة اقراء واحد يمدح هذة الاتفاقية , فما رأيك أنت عزيزي القارئ ؟