عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-2014 , 07:49 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,358
أخر زيارة : 30-10-2024 02:24 PM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة غير متواجد حالياً

Icon37 جيش «تويتر» العربي.. جيش يهزم أهله



محمد الرميحي

هو جيش يسبح في فضاء ثقافي عربي يرغب في ترويج التزييف و هو أحد الأسلحة الجديدة الفتاكة «جيش تويتر» يفتك بالمجتمعات ذات المناعة الثقافية الهشة على رأسها نحن (العرب). سألت مرة أستاذة أميركية كانت تزور جامعة الكويت هل في الولايات المتحدة من يستخدم وسائل الاتصال الاجتماعي بأسماء مستعارة ؟ ردت أن ذلك هو القليل لأن مستخدم تلك الوسائل يرغب أن يوصل رسالته للناس و الاسم المخفي لا يُعتنى بما يقول في مجتمع حر! على العكس من ذلك في فضائنا العربي فإن الاسم المستعار في وسائل الاتصال هو الأكثر استخداما من الاسم الصريح ، تلك ظاهرة اجتماعية بحد ذاتها تنبئ عن الكثير . إنها أولا تنبئ عن تدنٍّ في سقف الحريات التي تجعل البعض يلجأ - للتعبير عن فكره - إلى اسم مستعار يكتب فيه ما يشاء ، ثم هي تنبئ أيضا عن هيمنة المجتمع و الفكر الذكوري فكثير من الجنس الآخر يختبئ خوفا أو حياء ، أو لأنه «تعود» على ذلك يختبئ خلف اسم مستعار ، بل يلجأ البعض من الشبان لاستخدام أسماء أو حتى صور الجنس الآخر ! لي مع «تويتر» قصص لها معنى سياسي و اجتماعي فالبعض من المتابعين يحتج على وضعي روابط أو مقالات أو آراء صادرة من بعض من لا يوافقهم الرأي ، و يحتج بأقوى الألفاظ وأكثرها خشونة في ذلك مؤشر إلى ضيق بعضنا بالرأي الآخر كما هو مؤشر برغبة عزل الآخر و ربما أيضا تحقير رأيه . بعضهم يحتج مثلا على مقال من مصادر إسرائيلية و يرى أن وضع تلك المقالات هي ترويج لها ذلك يعني من زاوية أخرى أن المتلقي العربي قاصر عن فرز «الخبيث من الطيب»، في الوقت الذي من الواجب أن نعرف كيف يفكر العدو و هل يمكن أن نُبصر وعيوننا مغمضة ؟ و في هذا توجه غير معلن «للحماية» التي تقود إلى «نبذ الرأي» تخوفا من تأثيره مرة أخرى «نقص في المناعة» تلك العقلية هي التي جعلت من الفضاء العربي العلمي والعملي وحتى العسكري يَعمى أو يتعامى عن «العدو» و يرسم له صورة متخيلة ليس لها علاقة بالواقع تلك «نعامية حديثة» ابتليت بها ثقافتنا . البعض يلجأ إلى التخويف بالدين على قاعدة أنه الأولى من غيره بالتفسير و أن الآخر قد خرج عن صحيحه بمجرد أن يبدي رأيا مخالفا لما يفهمه ذلك الشخص و ليس بالضرورة مناقضا لصحيح الدين . خارطة التواصل الاجتماعي العربي حتى الآن لم تدرس علميا و نحن بحاجة ماسة إلى أن تقوم مؤسساتنا العلمية بهذه الدراسات حتى نتبين شبكة التفكير العربي في الكثير من القضايا المطروحة التي أصبحت في متناول الناس على اختلاف فهمهم و تعدد خلفياتهم ، وكيف يقاد البعض من خلال هذه الشبكة إلى «الأنشطة العميقة» كالترويج للممنوعات والإغواء والفضائح . في الفترة الأخيرة راج تعبير «الصهيونيون العرب» أو على حد تعبير أحدهم «المتصهينون العرب» على وسائل الاتصال الاجتماعي بسبب أحداث غزة و هو تعبير قبيح يستخدمه البعض ضد من له رأي يختلف على الوسائط الاجتماعية و هو يسير في نفس اتجاه «التخوين و التكفير» الذي خبرناه . على مقلب آخر هناك «صناعة» لها مردود مالي في تشويه الآخرين من خلال وسائط الاتصال الاجتماعي حيث لا قانون يحده و لا اسم معروف يظهر فيه ، و لا سقف أخلاقيات فقط عليك أن تدفع المعلوم حتى يشن على الآخر (خصمك) حملة تشويه و يلجأ البعض إلى فتح أكثر من حساب بأسماء مختلفة وبصور مختلفة من أجل ترك الانطباع لدى المتلقي الأعزل أن هذا التشويه واسع النطاق ، بل يلجأ البعض إما إلى الترويج لشخص أو سلعة أو التشويه لسلعة أو شخص. نقلت مرة على «تويتر» مقالا تحت عنوان «التعاون التركي الإسرائيلي تضاعف في عهد إردوغان»! و بدا لي أن المقال مدعم بمجموعة من الحقائق فكتب لي أحدهم غاضبا بكلمات قاسية يؤنبني على نقل المقال ، بعض العقل العربي يريد أن يقرأ ما يسره و يوافق توجهاته ، كما أن نفس المدرسة لا تريد أن تناقش «الموضوع» بقدر اهتمامها بالشخص الكاتب وليس بالفكرة . البعض من المتابعين لا يعترض فقط بل يطلب نشر رأي «فلان وفلان وفلان» الذين يستحسن هو القراءة لهم و ليس رأي فلان الذي لا يستسيغ أن يقرأ له !! عن دور الولايات المتحدة الأميركية في الحرب الأخيرة على غزة رفعت مقالا على «تويتر» يشرح الأسباب فرد أحدهم بالقول بالحرف : «آن الأوان لدول العالم لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتحجيم أميركا»! صاحبنا لم يتفضل بشرح الطريقة المناسبة «لتحجيم أميركا» فقط هو يقوم بـ«إطلاق بخار الغضب» إن صح التعبير . في الوقت الذي أضاءت فيه الآنسة فرح من غزة التي غردت بالإنجليزية على «تويتر» من تحت القصف الإسرائيلي واصفة الهول الذي يعانيه أهلها واستقطبت آلاف المتابعين تعرضت زميلة في «الشرق الأوسط» كتبت رأيا لها متوازنا إلى هجوم جارف من البعض على وسائل الاتصال الاجتماعي لأن ما كتبت لا يعجبهم ، و ابتعد كثيرون عن أي نقاش موضوعي إلى «شتم» صاحبة الموضوع ! مما يزيد في الأمر سوءا أن وسائل الاتصال هذه يدور فيها «موضوع» دوران الأرض حول الشمس فينشره أحدهم في مكان «إشاعة» يتم تدولها على «الواتس أب» و «تويتر» حتى تعود إليك من جديد! دون أن يتوقف أحد للمناقشة العقلية للمعلومات الواردة , مثال : جاءني و جاء غيري مؤخرا نص منقول من كتاب هيلاري كلينتون الأخير «الخيارات الصعبة» يقول النص الذي دار على «تويتر» و«الواتس أب» إن كلينتون قالت في الكتاب : «إنهم أي أميركا اتفقوا مع النظام المصري السابق على تحويل جزء من سيناء إلى سكن للفلسطينيين». و طار كثيرون بهذا الخبر «الملفق جملة وتفصيلا» أي أنه لم يأت في الكتاب كما قرأته شخصيا و لكن أصبحت «الكذبة» لدى كثيرين «حقيقة» لا تقبل الجدل من بينهم بعض أصدقائي !! تلك بعض الأمثلة التي لا ألوم فيها إلا النقص العميق للتفكير العقلاني المتسائل والممحص في فضائنا العربي الذي يرغب في تعليم مثلوم و إعلام مشوه ، يرغب في سماع ما يسره و يفرحه شمتا في أعدائه حتى و لو كان الخبر ملفقا و من الواجب أن يبحث عنه ببصيرة لا بهوى .

آخر الكلام : أفضل نصيحة يمكن أن تقدم لمستخدم وسائل الاتصال الاجتماعي هي «قبل أن تسير مع القطيع استخدم عقلك».