الموضوع: الوريث
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-03-2021 , 01:28 AM   مشاركة رقم 1
إداري
 
الصورة الرمزية البرواز و الصورة
تاريخ التسجيل : Nov 2012
رقم العضوية : 2
المشاركات : 5,358
أخر زيارة : اليوم 01:50 AM
الدولة : قطر


بيانات إضافية

الجنس : ذكر

الحالة : البرواز و الصورة متواجد حالياً

Icon37 الوريث



طلال عبد الكريم العرب

يروى أن أحد الوجهاء من ذوي المال و السلطان قد مات و لم يترك وراءه إلا غلاماً صغير السن ، فأرادت جماعته تنصيب من ينوب عنه شيخاً عليهم فاتفقوا على ترشيح خمسة منهم ، إلا أنهم اختلفوا على من يكون الوريث . فاتفقوا على أن يحتكموا إلى قاضيهم ، فلبس كل منهم عباءته ، و حسن من هندامه ، و توجهوا إليه مصطحبين معهم الغلام الصغير ابن الوجيه ، و لكنهم عندما وصلوا إلى خيمة القاضي تركوا الغلام في الخارج قبل أن يدلفوا عليه . عرض المرشحون قضيتهم على القاضي طالبين منه أن يبت في أمر من يرث وجاهة جماعتهم ، و بعد تريث و تفكير واتت القاضي فكرة ، فأمر بصب فنجان قهوة لكل واحد منهم ، ثم طلب منهم أن يعيدوها إليه فارغة ، شارطاً عليهم ألا يشربوها و لا يسكبوها . احتار المرشحون الخمسة و نظر بعضهم إلى بعض ، و لما رآهم القاضي عاجزين عن حل هذه الأحجية سألهم هل لوجيهكم الميت وريث ، قالوا : نعم , و لكنه غلام صغير و قد أحضرناه معنا و هو الآن خارج الخيمة في انتظارنا . أمر القاضي بإدخاله ثم قدم له فنجان القهوة و طلب منه أن يفعل ما عجز عنه المرشحون الخمسة ، و أن يعيد إليه الفنجان فارغاً من دون سكبه أو شربه . فما كان من الغلام إلا أن وضع طرف غطاء رأسه في الفنجان إلى أن امتص القهوة كاملة، ثم قال للقاضي : فنجانك فارغ و قهوتك على رأسي . استغرب القاضي من فطنة الغلام و طيب كلامه فأراد أن يختبره أكثر ، فسأله : ما المكسب ، و رأس المال ، و الخسارة ؟ فرد الغلام : المكسب أن تكون أحسن من أبيك ، و رأس المال أن تكون مثل أبيك ، أما الخسارة فأن تكون أسوأ منه . فسأله القاضي : ما أول أمس ، و أمس ، و اليوم ؟ فرد الغلام : أول أمس هو جدي ، و أمس هو أبي ، و أما اليوم هو أنا . عندها قال القاضي للغلام : بارك الله فيك من وريث ، ثم التفت إلى الخمسة الكبار و أمرهم بأن يأخذوا وجيههم و ينصرفوا . فالوجاهة ليست بلبس فاخر الثياب ، و المعرفة ليست مرتبطة بفارق السن ، فالغلام تربى و ترعرع في بيئة علم ، و قد قيل في ذلك : جالس العلماء بعقلك ، و جالس الملوك بعلمك ، و جالس الأصدقاء بأدبك ، و جالس أهلك بعطفك ، و جالس السفهاء بحلمك . فما أكثر منتفخي الأوداج ، فاخري الهندام و لكن بعقول كعقول العصافير .