شكراً .. لا أريد أن أقرأ !
http://alqatareya.net/uploads/1498207668221.jpg
عائشة سلطان بعد مضي سنوات طويلة على ذلك الموقف ، تذكرت فجأة لماذا لم تحاول زميلتي فترة الدراسة الجامعية في مدينة العين ، أن تقرأ تلك الكتب الصغيرة البسيطة التي انتقيتها لها بناء على طلبها ، كانت فتاة محبة للحياة و التأنق ، كانت زينتها و ثيابها أكثر ما تهتم به كأي فتاة في ذلك العمر ، لقد فاجأتني ذات مساء حين طلبت مني أن أختار لها بعض الكتب البسيطة لأنها قررت أن تبدأ مشروع القراءة و التثقف بحسب تعبيرها ! ما حدث هو أنني أحضرت لها الكتب التي طلبتها و أنا فخورة بمشروعها المباغت ، و حين أعطيتها الكتب اتفقنا على أن تنهي كل كتاب خلال أسبوع ( لم يتجاوز كل كتاب الـ70 صفحة ربما ) لكن المفاجأة الأكبر أنه و بعد مضي أسبوعين دخلت علي تلك الزميلة غرفتي ، وضعت الكتابين على الطاولة و قالت جملة واحدة : «لقد غيرت رأيي لا أريد أن أقرأ ، لم أستطع أن أحب القراءة» ثم خرجت ! إن تلك العبارة التي كتبتها الكاتبة و الناقدة الأميركية ويندي ليسر هو تحديداً ما جعلني أتذكر حكاية زميلتي و الكتب ، لقد كتبت ليسر في مقدمة كتابها «لماذا أقرأ : المتعة الحقيقية للكتب» ما يلي : «يمكن أن تقودك القراءة إلى الملل أو السموِ ، الغضب أو الحماس ، الاكتئاب أو المرح ، التعاطف أو الازدراء ، و هذا يتوقف على طبيعتك ، و كيف يشكل الكتاب حياتك في اللحظة التي تقرأ فيها». في الحقيقة هذا تحديداً ما ينقصنا أن نعرفه ، أو ما نجهل فهمه بشكل عميق و دقيق عن القراءة حين نأخذ في شرح و تفصيل إشكالية القراءة لدى الأجيال الجديدة من اليافعين و الشباب ، فنميل كعادة الآباء و المربين و الأوصياء إلى النصائح الفوقية و المقارنات و طبعاً لابد من الاتهامات في نهاية الدرس ! فنحن كقراء قدامى أو لنقل مخضرمين صرفنا أغلب سنوات عمرنا نقرأ و نقتني المزيد من الكتب ، غالباً ما نستمتع بإعطاء النصائح و بالشعور بالأفضلية في هذا المجال ، لذلك نلجأ لمقارنات تظهر مكانتنا المتميزة في عالم القراءة و كيف أن جيل اليوم عديم الثقافة و لا يقرأ أبداً !! الآن أسأل نفسي بصدق : هل كنت السبب في نهاية مشروع زميلتي في عالم القراءة ، بسبب كتب لم تشكل أية أهمية أو متعة بالنسبة لها ؟ لم لا ؟ فمن قال إن الآخرين يجب أن يقرأوا ما قرأناه نحن ، و أن يحبوا أو يميلوا لنوعية المعارف التي تستهوينا ؟ من قال إنه لا يحق لكل واحد منا أن يقرأ ما يشاء و بالطريقة التي يشاء . إن عالم الكتب واسع كالبحر و عالمنا ينتج يومياً وسائل حديثة في كل مجال ، و عليه فقد نقرأ من كتاب و قد نقرأ من الهاتف و قد نقرأ بواسطة أجهزة القراءة اللوحية ، المهم أن نقرأ ، و المهم أن نعرف ميول و اهتمامات و مستوى و لغة و مزاج و اهتمامات الشخص الذي ننصحه بالقراءة ، لأن هذه العوامل هي دون غيرها ما يحدد نوعية الكتب التي علينا أن ننصح بها أو نقترحها أو نلفت نظرهم لها . الأكثر و الأفضل أن نأخذ بيدهم إلى أقرب مخزن كتب و نتركهم يختارون ما يحبون بينما نقف مستعدين لأي مساعدة ! |
الساعة الآن 03:03 AM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.