منتديات القطرية

منتديات القطرية (https://www.alqatareya.com/vb/index.php)
-   منتدى الرأي و الرأي الأخر (https://www.alqatareya.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   هل أنت مع أو ضد منع بعض الكتب ؟ (https://www.alqatareya.com/vb/showthread.php?t=229)

البرواز و الصورة 10-02-2013 06:34 PM

هل أنت مع أو ضد منع بعض الكتب ؟
 
http://alqatareya.net/uploads/1386749120721.jpg

أمير تاج السر

كلما بدأت مواسم معارض الكتب في البلاد العربية بدأت معها أيضا قضية أخرى موازية ، وهي قضية منع بعض الكتب من الدخول إلى المعارض في بعض الدول، وبالتالي منع تداولها بين القراء ، ومنع إمكانية وجودها فيما بعد على رفوف المكتبات . تلك المعارض يعتمد عليها الناشرون كثيرا في ترويج كتبهم بسرعة ، ويعتمد عليها الكتاب أيضا في الحصول على قارئ يأتي خصيصا لاقتناء كتاب من مكان ليس فيه سلعة سوى الكتب ، وأيضا لإقامة حفلات التوقيع التي أصبحت في السنوات الأخيرة من سمات المعارض ، حتى ولو لم تجتذب جمهورا للكاتب وكتابه.

نقرأ في العادة قوائم طويلة وعريضة تضم إصدارات في مختلف ضروب المعرفة ، خاصة كتب الفكر والآداب ، سواء أكانت رواية أو شعرا أو قصصا قصيرة ، باعتبارها كتبا ممنوعة من العرض ، أي كتبا غير مرغوب في وجودها في هذا المعرض أو ذاك . وفي المقابل ، نقرأ ردود أفعال غاضبة من الناشرين الحالمين برواج سلعهم الموسمي ، وتكبدوا بالفعل خسائر في الطباعة والنشر والدعاية والترحل من بلد لآخر ، والكتاب الذين يبدون استغرابهم ، وفي العادة يسعون في حوارات معهم في الصحف لتبرئة كتبهم من أي درن قد يستوجب منعها ، وفي مواقع التواصل المنتشرة بشدة على الإنترنت نقرأ أيضا ردود أفعال من القراء الذين كانوا ينتظرون كتبا بعينها ، ويفاجؤون بأنها غير متاحة حين تفتتح المعارض في بلدانهم.

الكتب التي تمنع في العادة حسب اعتقادي- تضم شيئا من المحظورات التي ترى إدارات المعارض أنها خطوط حمر يجب عدم تجاوزها بأي حال من الأحوال ، سواء أكانت محظورات دينية أو سياسية أو اجتماعية ، وهي بالتالي تقوم بدور الغربال الذي يفلتر الكتب ، وبدور الوصي أو ولي الأمر الذي يتيح لأبنائه شيئا ، ويمنع عنهم شيئا آخر . وهي بذلك الدور ومن دون أن تدري تنبه القارئ غير الأصلي ، أو غير المتمرس في القراءة ، إلى وجود نشاز ما في بعض الكتب ، وغالبا ما يسعى ذلك القارئ للحصول على الكتاب الممنوع بأي ثمن ، لا لإرضاء شهوة القراءة كما يحدث عند القراء المتمرسين ، ولكن بحثا عن النشاز ، وبالتالي يحصل رواج أكثر لسلعة ربما تبور لو لم ينبه إليها.

أنا شخصيا مع حرية الكتابة بلا شك ، وأن يعبر كل كاتب بأي أدوات يختارها ، ويبني عالمه كما يريد ، وأن ينشر ما كتبه ويروج له ، ولكن في نفس الوقت أرفض بشدة الخروج عن المألوف سعيا وراء شهرة غير حقيقية ، ولا أقبل استخدام عبارات الشوارع العامية المتداولة في رواية ربما تكون أفضل بدون تلك العبارات ، وأرفض الخوض في مسائل راسخة وعظيمة ، وأرفض بشدة إقحام الدين في كتابة دنيوية والإساءة إلى الشعائر ، ولا أستمتع بكتاب يتعرض لمثل تلك المسائل ، مهما بلغت درجة صياغته الفنية.

وقد كتبت كثيرا عن عدد من الكتب غير المقبولة التي تعرضت لعقائدنا ، مثل كتاب 'جوهرة المدينة' للأميركية شيري جونز ، التي قالت إنها استوحته من تاريخ متاح لكل من أراده ، وكان كتابا مسيئا من حسن الحظ أنه لم يحقق أي انتشار في الغرب ، ولم يترجم للعربية برغم ما أثير حوله قبل النشر ، وقد رفضت نشره دور كبيرة في أميركا ونشرته دار بريطانية في النهاية ، وكان عدم تحقيقه الانتشار المرجو ردا بليغا يفيد بأن القارئ المتمرس يعرف بنفسه كيف ينتقي الكتب.

وفي المقابل ، أبديت استغرابي من كتب عادية كانت متاحة لسنوات في المكتبات ، تثور حولها ضجة فجأة ، وتصنف مسيئة ومفسدة للأخلاق ، لأغراض بعيدة تماما عن المنطق . والآن بعد ثورات الربيع العربي في بعض البلدان العربية ، ووصول متشددين للحكم ، بات من الصعوبة تمرير حتى الأفكار العادية في الكتابة الأدبية ، خاصة تلك التي ستصطدم حتما بمن ينشئون معايير أخلاقية شديدة الصرامة ، ربما تتعارض مع الإبداع.

المهم في الأمر ، أن قارئ اليوم يختلف كثيرا عن قارئ الأمس ، فقارئ الأمس تربى على محدودية القراءة ، وصعوبة توفر الثقافة ووسائل المعلومات في محيطه ، حيث كانت المكتبات قليلة ، والكتب التي تطبع قليلة جدا" وغالبا تجدها هي نفسها في كل مكتبة ، وفي أي بلد عربي . والكتاب الجديد الذي يصدر في بلد ما لا يسمع به الناس في البلدان الأخرى ولا يستطيعون الاطلاع عليه إلا بعد زمن طويل ، بعكس قارئ اليوم الذي تربى على سهولة العثور على المعلومة ، التي تأتيه من ضغطة زر على الكومبيوتر ، ومهما منع عنه كتاب فسيعثر على نسخة منه ، حتى ولو إلكترونيا عن طريق المواقع التي تتيح الكتب إلكترونيا في الإنترنت.

رأيي الشخصي ، أن قارئ اليوم أكثر ذكاء من قارئ الأمس ، ويستطيع وحده أن ينتقي ما يصلحه ، ويلفظ ما يضره ، وإن حدث أن قرأ كتابا ضارا فسيعرف بالتأكيد ما يضره . في الأجيال السابقة كان من السهل على أي مثقف أن ينحرف بأفكاره لمجرد أنه قرأ كتابا ، واليوم بتعدد المصادر ومقارنة المواضيع ببعضها أصبح صعبا أن يؤثر كتاب وحيد في قارئ متعدد الثقافات . إذن ، فلتطرح الكتب بكل ما فيها أمام ذكاء القارئ ، ولا ينبغي منع الكتاب حتى لا تطارده العقول غير المتمرسة في القراءة ، وتسعى لاقتنائه بأي ثمن.

السؤال كما هو بين من العنوان هل أنت مع أو ضد منع بعض الكتب ؟



الساعة الآن 02:50 AM

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.

Security team